منذ حرب اليمن 2015، بعد أن انقلب «الحوثيون» على الشرعية، وانقضوا على الحكم بالقوة وليس بقوة الحق، ومشروع إدراج «الحوثيين» في قائمة الإرهاب مثل بقية الحركات الأخرى كـ «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، كان على المائدة الدولية.
بعد مرور أكثر من ست سنوات، بايدن يفاجئ العالم برفع صفة الإرهاب عن جماعة «الحوثي» وتركهم ليصبحوا «حزب الله» آخر وفقاً للشرعية الدولية التي تقودها أميركا وليس «غريفث»، ففي 12 فبراير 2021 أعلن وزير الخارجية الأميركي رفع جماعة «الحوثي» من قائمة الإرهاب اعتباراً من يوم الثلاثاء 16 فبراير2021، مع بقاء عبدالملك الحوثي، وعبدالخالق بدر الدين الحوثي، وعبدالله يحيى الحكيم، تحت العقوبات، على أن تواصل مراقبة أنشطة هذه الجماعة عن كثب.
ترى ماذا فهم «الحوثة» من هذا الرفع بعد أن كانوا قريبين من الخفض؟!
يبدو أنهم فهموا القرار كما لو أنه يحمل تبرئتهم من الجرائم التي ولجوا إلى مستنقعها منذ سبتمبر 2014 وحتى هذه اللحظات الممتدة إلى حين المجهول، وكذلك كأنهم تلقوا الضوء الأخضر من أميركا لتكثيف الغارات «الدرونية والبالستية» المستمدة من الأنفاس الإيرانية، للحصول على ورقة الندية مع السعودية حين الجلوس إلى طاولة المفاوضات بجانب الشرعية اليمنية.
فاستهداف أمن الشقيقة الكبرى للخليج من قبل «الحوثة»، بعد هذا الموقف الأميركي المتساهل تجاهها، يعتبر تطوراً خطيراً للغاية، لأنه يمس أمن الخليج الذي لا ينفصل عن الأمن العربي.
وهذا التصعيد غير المسبوق، بحاجة إلى استدعاء المجتمع الدولي، لبحث سبل دعم الأمن والاستقرار الإقليمي ومعه العالمي، نظراً لصعوبة الفصل بين مستويات و متطلبات الأمن في منطقة جيوسياسية حساسة، وفق كل المعايير التي تضبط المصالح الحيوية بين الدول.
نريد أن ندرك بدقة، مع معرفتنا بأن السياسة تحكمها المصالح فقط لا غير وثوابتها متغيرات، أميركا بعد رفع شماعة الإرهاب عن «الحوثيين»، بدأت تعاملهم على نهجها مع إيران و«حزب الله» وهو في رفع سوط العقوبات وصوت الإعلام.
وجاء هذا الأسلوب واضحاً عبر وزارة الخزانة الأميركية التي فرضت عقوبات على اثنين من قادة مليشيات أنصار الله (الحوثيين) «منصور السعدي وأحمد الحمزي»، بتهمة إطالة أمد الحرب وتعميق الأزمة الإنسانية، ومسؤولين عن هجمات ضد مدنيين يمنيين وسفن تجارية في المياه الدولية.
وزارة الخزانة الأميركيبة أكدت أيضاً بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بتعزيز مساءلة قادة مليشيات «الحوثي» عن جرائمهم التي فاقمت معاناة الشعب اليمني، ووجهت اللوم إلى النظام الإيراني في تأجيج الصراع في اليمن، من خلال تقديم مساعدات مالية وأسلحة لمليشيات «الحوثي»، وقيام الحرس الثوري الإيراني بتدريب وتوجيه مليشيات «الحوثي» لمهاجمة السعودية وتهديد جوار اليمن.
هذا ولم تتوان أميركا من خلال سفارتها في الرياض عن إدانة هجوم الحوثيين على منطقة جازان ودعوة «الحوثيين» لوقف الهجمات والانخراط في العملية الدبلوماسية لإنهاء الصراع.
يبدو أن «الحوثيين» يستخدمون سياسة الجيش الإيرلندي للحصول على مكاسب سياسية وفق مقاسهم، ولفرض أمر واقع يقبله الجميع بمن فيهم أميركا التي تفضلت على «الحوثيين» بالجزرة.
ننتقل إلى الشرعية اليمنية في ضوء الأحداث الراهنة، حيث صرّح وزير خارجيتها بأن اتفاق الرياض نموذج يمكن البناء عليه للمصالحة الوطنية، ونرفض وجود ميليشيا كـ«حزب الله» مسيطرة على اليمن، حيث لمسنا تصعيداً عسكرياً حوثياً مع بدء المؤشرات الإيجابية الأميركية، ونسعى لأن تكون العقوبات على «الحوثيين» رافعة سياسية.